مخالفات المباني صداع في راس المحافظات

 


 يكتبها المهندس   محمد عبدالظاهر 

    الامين العام السابق للادارة المحلية          .

الكل يعلم أن هناك مشكلة كبيرة في مصر اسمها مخالفات المباني او البناء المخالف بدون تراخيص والبناء علي الأراضي الزراعية وإهدار آلاف الافدنة من أجود الأراضي الزراعية بالدلتا والتعدي علي الاراضي املاك الدولة ولانجد اي تحرك جاد للاصلاح وإيجاد حل شامل لهذا الخراب .

ويكون السؤال المتكرر لماذا تركت إلمحليات او بمعني ادق الادارات الهندسية بالاحياء  مخالفة المباني تصل إلى هذا الحد دون ازالة وتظل المحليات متهمة بالفساد دائما دون معرفة الحقائق

 

لذالك لابد ان نفهم أبعاد المشكلة ولو بشكل مبدئي حتي نستطيع ان نضع الحلول المناسبة ونوضح ما هو دور الأحياء والمحليات في انتشار المخالفات بهذا الشكل ولماذا يتم اتهام الاحياء وحدها بالمسؤليه عن المخالفات وأين القصور بالضبط وأين دور الجهات الاخري . وهل الإدارات الهندسية بالأحياء تقوم بالإجراءات  التي حددها القانون للتعامل مع المخالفات ام لا وهل هذه بالإجراءات كافية ام لا ولماذ لا يتم محاسبة المسؤلين في الاحياء عن هذه المخالفات .

 

- القانون ألزم الإدارات الهندسة بعمل الاجراءت الاتيه

~ عمل قرار إيقاف للاعمال المخالفة بالطريق الاداري والعرض علي المحافظ لإصدار قرار الإزالة في المخالفات الوجوببه ثم إخطار قسم الشرطة بقرار الازالة لعمل الدراسة الأمنية وتحديد موعد الإزالة .

~ تحرير محاضر المخالفات اللازمة وإخطار النيابة العامة لإعمال القانون وردع ومحاسبة المخالف

~ إخطار شركات المرافق بالعقار المخالفة لعدم توصيل المرافق اليها

~ إخطار  اي مواطن يسئل عن العقار بهذه المخالفات حتي لايقع فريسة لجشع المقاولين

وهذه الاجراءت تقوم بها الاحياء بمنتهي الدقه ولا تستطيع التقصير في القيام بها لان اي تقصير يقابل بمسؤولية جنائية مباشره علي مهندسي التنظيم بالحي وتتضاعف في حاله انهيار العقارات وحدوث وفيات

والمهندس يعلم ذالك جيدا خاصة انه في قبضة القانون وهو الذي يتحمل كل الخلل دون اي حماية وانا هنا لا ابرئهم لان البعض منهم سواء قلو او كثرو يستفيدون من القصور الموجود في القانون ومن ضعف الاجراءت في تحقيق منافع ومكاسب شخصية بعيد عن التقصير في اتخاذ الاجراءت القانونية الطويلة والغير حاسمة . في الوقت نفسه نجد تقصير واضح من جهات أخري لا سلطه للمحليات عليها ولا يستطيع احد توجيه اي اتهام لها خاصه ان هذا التقصير ناتج عن ضعف القانوانين والياتها بعيدا عن مسؤلية هذه الجهات اصلا فنجد مثلا

- الشرطة في الظروف الأمنية في السنوات السابقة لم تكن قادره علي عمل الدراسات الامنية واخطار الحي بموعد تنفيذ الازالة وتأمين عملية الإزالة اللازمة لردع المخالفين ومنع المخالفات فزادت المخالفات ولم تتم الازالات في المهد ولا يستطيع الحي تنفيذ الازاله بدون تامين الشرطه 

- كما أصبحت قضايا المخالفات في المحاكم كثيرة جدا ، والقوانين بها ثغرات كثيرة فلا يتحقق الردع المطلوب وتتأخر العدالة ولايتم محاسبة المخالف بل يحصلون علي البراءة احيانا بخطاء في الاجراءت يعلمها الكثيرين ولم يراعي القانون تلافيها وابسطها عدم الأخطار بخطاب موصي عليه بعلم الوصول للمخالف كاجراء قانوني ورغم قيام الحي باخطار  المخالف لكنه لا يتسلم الاخطار 

- وتقوم شركات المرافق، والمياه،  والكهرباء بتوصيل المرافق للمخالفين بقرارات سيادية مخالفة للقانون فيتم بيع الشقق المخالفه فيها تحت سمع وبصر الجميع بعدادات كودية توفرها لهم الدولة وتصبح المشكلة أكثر تعقيدا والازالة أكثر صعوبة بعد السكن الكامل بدل السكن الهيكلي 

- كما يساعد المواطن مخالفي البناء عند قيامه بشراء الشقق المخالفة والدولة لا تتحرك والقانون لا يردع

وتتحول المشكلة من محاسبة المخالفين إلى صراع بين الحي والمواطن الذي اشتري الشقه ، ويهرب المخالف الحقيقي من هذا الصراع دون ردع بعد ان باع الشقق وحصل علي كامل الثمن وترك الصراع بين الحي المغلوب علي أمره والمواطن الذي اشتري الشقة بعد ان تاكد من وجود مرافق ،  والمخالف الاصلي اصبح بعيد عن هذا الصراع تماما،  ولم يقوم بسدد حق الدوله في رسوم التراخيص ولا الضرائب ولا التحسينات ولا حتى تكاليف المرافق ، ولا قيمة المخالفه ولا حتي تكاليف الازالة لو تمت كما إهدر جميع الاشتراطات البنائيه واستفاد هو واضر بالجميع وضاعت العداله الاجتماعيه بين المخالف والملتزم ولا عزاء للقانون

اين اذا التقصير في دور الأحياء الا من بعض ضعاف النفوس المستغلين للازمه دون تقصير في الاجراءت القانونية الغير كافيه وسط هذا الخلل الذي يشارك فيه الجميع واصبح المجتمع لا هم له الا توجيه الاتهامات للأدارة المحلية ممثلة في الأحياء حتي ترتاح صمائرهم دون النظر للأطراف الأخري المؤثره وأصبح الأمل الآن في الاتي

1~ضرورة تعديل التشريعات القائمه والتي منها قانون البناء الموحد وكذا صدور تشريعات جديدة تصلح من النظام المحلي في مصر من اجل فض التشابكات وتحديد المسؤوليات والادوار  والتوقيتات ومحاسبة المقصرين والمخالفين بحسم بصرف النظر عن الكلام المتداول عن تشديد العقوبات لان العقوبه محتاجه حكم محكمة يتاخر كثيرا بسبب اجرأت التقاضي  أوعمل التصالحات  او تقنين الاوضاع التي سبق تجربته ولم نجني منه الا استمرار المخالفات وضياع ثروه مصر من الأراضي الزراعية والأراضي املاك الدوله التي تم سرقتها .. وبدل من محاسبة المتعدي علي ارض الدولة وسرقتها يتم مكافئه وتقنين الوضع له باسعار بخسه ويتم صرف الفلوس وتبقي المخالفات شاهد علي عصور الانحلال 

2~ ضروره الانتهاء من كردون المدن وتخطيط مناطق الامتداد وعمل المخططات التفصيليه وتسهيل اجراءت رخص البناء وكذلك سرعة اصدار رخص الهدم والترميم خاصة للمباني الايله للسقوط وبدون اي تعطيل او رسوم مغالي فيها حرصا علي ارواح السكان والماره مع ضرورة تحديد العلاقه بين وزاره الإسكان وهي الجهه التي وضعت هذا القانون والجهات المسؤله عن تنفيذه في الإدارات الهندسيه والمحافظات وكيفية مراعات الطبيعة السكانية لكل محافظة بل لكل مدينة حسب قيمتها التاريخية أو حتي الزراعية او الصحراوية وصلاحيات المحافظات  والمجلس المحلي في إجراء أي تعديلات علي اللائحه التنفيذية للقانون والاشتراطات طبقا لطبيعه كل مدينة حتي لا يكون القانون موحد علي الجميع رغم اختلاف طبعه كل محافظه ويكون كل ذلك في حدود اللامركزيه وبما لا يخالف النصوص القانونيه مع رقابة صارمة من جهاز التفتيش الفني علي اعمال البناء 

3~ إنشاء محاكم متخصصة ولو موقته لأعمال القانون علي الجميع وسرعه الفصل في القضايا حتى يمكن محاسبة المخالفين وردعهم سريعا  وحبس المتورطين من اجهزة الدولة كما ان الكلام عن المصادرات يحتاج ايضا  الي محاكم واحكام واجراءت حتي لا تضيع الحقوق 

4~ومن الضروري ايضا إلزام الامن والشرطة بتوقيتات سريعة ومحدد لإنهاء  للدراسات الأمنية  اللازمة لتحديد موعد الازالة وتامين تنفيذها لمنع المخالف من الاستفادة من مخالفتة والتحفظ علي العقار لحين تنفيذ الازالة

5~ العوده مرة اخري الي حظر توصيل المرافق للعقارات المخالفة طبقا للقانون والغاء العدادات الكوديه للمخالفين وتنشيط مباحث الكهرباء لمنع سرقه المرافق،  لان توصيل المرافق للعمارات المخالفة يسهيل عملية النصب علي  المواطنين وبيع الشقق لهم والسكن فيها مما يصعب عملية تنفيذ الازاله،  وحظر توصيلها يحرم المخالف من الاستفادة من مخالفته ويسهل اجراءت الازاله والردع ويحمي المواطن من النصب عليه

6~ لابد ايضا من امتناع المواطنين عن شراء وحدات سكنية مخالفة ومحاسبة من يقوم بشراء منزل مخالف ، أسوة بمن يقوم بشراء سيارة مسروقة وهو يعلم انها مسروقة ومصادرة المنزل او التحفظ عليه لحين انهاء الاجراءت القانونية وازاله المخالفه،  ويتم التوعية وإعلان ذالك للجميع  لان الموضوع أصبح قضية آمن قومي


مشاكل الإسكندرية الان كلها ناتجة عن مخالفات المباني والكثافات البنائية العالية ، فالعمارات المخالفة يصل ارتفاعها الي 26 دور في شارع عرضه لا يزيد عن 6 امتار بلا رادع مما تسبب في

- أزمات مرورية كبيره في بالمدينة وتكدس مروري في شوارع لا تتحمل هذه الكثافات البنائيه مع عدم توافر جراجات وأماكن انتظار في العقارات المخالفة

- وأزمة في النظافة وزياده في حجم القمامة والمخرجات اليوميه وبالتالي زياده في حجم المخلفات المنزليه في الشوارع الضيقه ذات الارتفاعات العاليه بالمخالفة 

- كما تتسبب الكثافات البنائية المخالفة في أزمة طفح في الصرف الصحي بالشوارع لعدم استيعاب الشبكه للكثافات البنائية المخالفة وغيرها من من الأزمات مثل انقطاع الكهرباء وضعف المياه وعدم قدرة سيارات الاطفاء علي الوصول للأدوار العليا 

بالإضافة إلى الأزمات النفسية الناتجة عن استياء المواطنين من كل هذه المشاكل ، وعدم الإحساس بالأمان ، بسبب الخلل في السلامة الإنشائية والصحيه للمباني المخالفة التي يتم تنفيذها دون مراعاة للأصول الهندسية ولا الصحية وقد تسقط علي الجيران او الماره في اي وقت 

لقد كان قرار توصيل المرافق لهذه العقارات المخالفة قبل ان يتم اصدار قانون محدد للتصالح بمثابة الكارثه التي اثرت علي الاسكندريه بشكل مباشر وقد اعتراض عليها جميع المواطنين في الاسكندرية عدا اصحاب المصالح واستقال المحافظ لان تقنين هذه المخالفات الفجه بدون ضوابط وتشريعات قانونية تراعي طبيعة كل محافظة لايصب في مصلحة الاسكندرية ولا يحقق طموحات المواطن السكندري ويساعد علي زياده المخالفات بالمدينة ويؤثر علي جميع الخدمات "من ضعف المياه . وطفح للصرف الصحي . وانقطاع الكهرباء . وازمات مرورية . ومشكلة في نظافة المدينه التي لم تعد تحتمل كثافات سكانية في عمارات يصل ارتفاعها الي 26 دور في شوارع عرضها 6 متر ولا تتحمل مرافقها أكثر من 3 ادوار" وهو ما لا يحقق ايضا المساواة ولا العدالة الاجتماعية بين من خالف ومن التزم  ، كما ان التصالح في المخالفات علي الاراضي الزراعيه وفي الارتفاعات المخالفه لا يحل كل هذه المشاكل لاكنه يحقق ايراد للدولة ويقنن الوضع للمخالف وتستمر المشاكل كما هي 

وقد اصبح كل ذلك سبب مباشر في استمرار العشوائيات والاحباط لدي المواطنين الملتزمين ، كما تسبب في زيادة حالات الهدم بدون ترخص ولم تسلم حتي المباني التراثيه من الهدم واعادة بنائها عمارات شاهقة بالمخالفة وبدون ترخيص وبدون سلامة انشاءية وبدون دفع مستحقات الدوله، طالما ان شركات المرافق تقوم بتوصيل المرافق للمخالفين دون الرجوع للمحليات التي لم تعد قادره علي رصد المخالفات لهروب المهندسين وقلة عددهم بالاحياء ورغم ان القانون الزم مدريات الزراعه باتخاذ الاجراءت اللازمة ضد مخالفات البناء علي الأراضي الزراعيه الا انها غير قادره علي اتخاذ الاجراءت اللازمة لمنع ااتعديات بدون وجود المحليات فزادت مخالفات البناء علي الأراضي الزراعية

 وللاسف يقوم الموطنين بشراء الشقق المخالفة والسكن فيها وتعطيل الازالة ،  ويصبح المخالف المطلوب ردعه خارج الصراع بعد ان باع وحصل علي ثمن الشقق وصدر لنا المشتري  


لابد أن تتكاتف جميع الجهود وجميع الأجهزة  والنواب  والحكومة واهل الخبره والمواطنين والاعلام لحل هذه المشكلة وتعديل القوانين والتشريعات بواسطة الخبراء دون اصحاب المصالح ، لأن الاحياء وحدها لن تستطيع القضاء علي هذه الظاهره واتهامها المستمر  بالفساد دون وضع النقاط فوق الحروف فيه اجحاف للمحليات  وتميع للقضية في ظل هذه القوانين التي ترسخ للمركزية الشديدة ولا يتحقق الردع المطلوب ، في ظل القرارات الفوقية الغير مدروسة التي تساعد علي زياده حجم المخالفات وتكبل يد المسئولين المحلين في القضاء عليها ويتم تحول المسئولية المحلية الي صداع في راس الحكومة المركزية .. فلازم ننتبه              

                 مصر فوق الجميع  


                محمد عبدالظاهر 

       الامين العام السابق للادارة المحلية          .

تعليقات