من ذاكرة التاريخ.. عيد الجلاء: يوم انتصرت فيه إرادة الشعب المصري

 

كتبت .. سها البغدادي 

في مثل هذا اليوم، السادس عشر من يونيو عام 1956، كتبت مصر سطرًا مجيدًا في سجل كفاحها الوطني، عندما رحل آخر جندي بريطاني عن أرضها، إيذانًا بنهاية أكثر من 70 عامًا من الاحتلال الإنجليزي، وبداية مرحلة جديدة من الاستقلال والسيادة الوطنية الكاملة.

إنه "عيد الجلاء"، يوم نحتفل فيه ليس فقط بانسحاب القوات الأجنبية من أرض الكنانة، بل بانتصار إرادة الشعب المصري، التي لم تنكسر رغم القمع والاحتلال، وظلت تناضل جيلاً بعد جيل حتى تحققت الحرية.

الاحتلال والمقاومة.. بداية الطريق

بدأ الاحتلال البريطاني لمصر في عام 1882 عقب معركة التل الكبير، وفرض البريطانيون سيطرتهم على مفاصل الدولة، فقاوم المصريون هذا الاحتلال بشتى الوسائل، من الكفاح المسلح إلى الحراك السياسي والثورات الشعبية، وعلى رأسها ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول، والتي مهدت الطريق لاعتراف جزئي باستقلال مصر في 1922، دون جلاء فعلي للقوات البريطانية.

اتفاقية الجلاء.. تتويج للنضال

جاءت ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار لتقلب الموازين، فوضعت إنهاء الاحتلال على رأس أولوياتها. وبعد مفاوضات شاقة مع بريطانيا، تم التوقيع على اتفاقية الجلاء في 19 أكتوبر 1954، والتي نصت على انسحاب القوات البريطانية من منطقة قناة السويس خلال 20 شهرًا.

وبالفعل، في يوم 16 يونيو 1956، غادر آخر جندي بريطاني أرض مصر، وتم رفع العلم المصري عاليًا على مباني القواعد البريطانية، في مشهد مؤثر شهد عليه العالم بأسره.

رمزية الجلاء.. واستمرار العزة

عيد الجلاء لم يكن مجرد انسحاب قوات محتلة، بل كان لحظة تجسدت فيها وحدة الشعب والجيش، وتحققت فيها مقولة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر:

 "ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة، والحرية لا تُمنح وإنما تُنتزع انتزاعًا."

لقد أثبت المصريون أن الإرادة الشعبية قادرة على صناعة التاريخ، وأن الكرامة لا تُشترى ولا تُمنح، بل تُنتزع بالنضال والثبات.

في ذكرى عيد الجلاء، نتذكر تضحيات الأجداد، ونستلهم العبرة من كفاحهم، ونجدد العهد على الحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله، في وجه كل من يحاول أن يعبث بأمنه أو ينتقص من قراره الوطني.


إنه يوم في ذاكرة التاريخ.. لا يُنسى.




تعليقات