أشرف المنسي والـ"جيش الشعبي" شمال غزة — من هو، ماذا يريد، وما احتمالات تحول التوتر إلى حرب أهلية؟

كتبت .. سها البغدادي 

ظهر اسم أشرف المنسي في الأيام الأخيرة كقائد لفصيل يصف نفسه بـ«الجيش الشعبي» أو «القوات الشعبية الشمالية» في شمال قطاع غزة، ووجّه تهديدًا علنيًا لحركة حماس بعدم الاقتراب من مناطق أعلنها تحت سيطرته. هذا الظهور لم يأتِ في فراغ؛ بل ينسجم مع موجة انفلات أمني وتململ داخلي بعد وقف القتال، ويثير أسئلة حول قدرة حماس على الحفاظ على احتكار القوة داخل القطاع واحتمال تدهور الوضع إلى اقتتال داخلي.

1) من هو أشرف المنسي وما خلفيته؟

المعلومات المنشورة عن المنسي تربط بين أنه عنصر محلي معروف في شمال غزة — وصفه بعض المصادر بأنه قائد مجموعة مسلحة محلية وربما كان له ارتباطات سابقة بالقوات الأمنية المحلية أو معارف في أوساط الشمال. وسائل إعلامية غربية وعربية تناقلت تسجيلات مصوّرة تظهره محاطًا بمسلحين، يتبنى خطابًا مسلحًا وسياسيًا واضحًا ويعلن مهامًا أمنية لمن يريد أن يسميهم «مناطق نفوذه». هناك تقارير تربط منسّبته بـ"قوات شعبية" نموذجية ظهرت في مناطق مختلفة من القطاع.

2) ما هي مطالب وقواعد عمل «الجيش الشعبي»؟

وفقًا لتصريحات المنسي والمنصات التي نشرت ظهور المجموعة، فإن عناصر الجيش الشعبي تبرز هدفين رئيسيين: (أ) منع «بطش حماس» واستعادة عناصر من الحماية للأهالي في شمال غزة، و(ب) تأمين عودة السكان وضمان توزيع المساعدات وعمل المستشفيات في المناطق التي أعلنوا سيطرتهم عليها. في الوقت نفسه يُحذّر المنسي حماس من الاقتراب إلى هذه المناطق، وينفي الشائعات عن اشتباكات أفادت بها بعض وسائل التواصل.

3) حجم وقوة الفصيل: تقديرات واقعية

لا توجد حتى الآن معلومات مفتوحة دقيقة عن عدد مقاتلي الجيش الشعبي أو مخزونه من الأسلحة، لكن تقارير متعددة تحدثت عن تشكيلات محلية صغيرة نسبياً — بعضها يشير إلى حوالي عشرات العناصر (تحدثت تقارير عن ~20 عنصراً في شبكة اتُهمت بالتعاون مع الاحتلال في تهم قابلة للنقاش)، بينما ظهرت مشاهد مصورة لعدد من المقاتلين مسلحين، وما بين عرض إعلامي واستعراض للقوة إلى قدرة محدودة على تثبيت نقاط تفتيش محلية. هذا يشير إلى أن الفصيل حالياً قوة محلية غير متكاملة لوجستياً أو عددياً مقارنةً بجماعات مسلحة كبيرة، لكنه يملك عنصر المفاجأة والشرعية المحلية لدى من يشعرون بالغضب من حماس.

4) الاتهامات والملفات المظلمة حوله (حُجج حماس ومناوئين)

حماس وبعض وسائل الإعلام المقربة اتهمت المنسي وشبكته بالتخابر أو التعاون مع جهات خارجية — وتناقلت تقارير وصفته بأنه «عميل» أو أنه جند عناصر لأغراض تخريبية أو لتقويض الأمن. في المقابل، يقدِّم المنسي نفسه كقوةٍ شعبيةٍ ضد «انتهاكات حماس» ويدّعي السعي لحماية المدنيين. الحقائق المستقلة حول هذه الاتهامات لم تُحسم بعد، لكن وجود اتهامات خطيرة من الطرفين يزيد من مخاطر المواجهة.

5) أين ظهروا وعلى أي مساحات يسيطرون؟

الظهور الإعلامي للمجموعة تركز في مناطق شمال قطاع غزة (مخاتلة بيت لاهيا، وشمال غزة عامة)، مع تركيز على أحياء خضعت لفراغ أمني بعد النزاع. تصاريح المنسي ذكرت أن المجموعة «سيطرت» على مناطق محددة وأعلنت أنها ستمنع عودة عناصر حماس إليها، لكن هذه السيطرة تبدو حالياً جزئية إعلامياً وميدانيًا محدودة النطاق وليست سيطرة إدارية شاملة.

6) دوافع الظهور الآن 

  • استغلال فراغ السلطة: وقف القتال وضعف القدرات الأمنية لحماس وغياب الخدمات خلقا فراغًا استغلّته مجموعات محلية لتقديم نفسها حاميةً للأهالي.
  • غضب شعبي: التهم الميدانية ضد حماس (اعتقالات، إعدامات، مصادرة مساعدات) غذّت غضبًا محليًا قابلًا للتجنيد. (سياق: تنفيذ عمليات إعدام وسلوكيات أمنية مثيرة للعار أظهرت تململًا في الشارع).
  • سعي للتأثير السياسي: الظهور الإعلامي والتصريحات التي تُبدي مواقف من مبادرات سلام أو خطط دولية (مثلاً تصريحات مؤيدة أو منسّقة لخطط دولية حسب بعض التقارير) قد تكون محاولة للنفاذ السياسي أو طلب حماية خارجية.

7) سيناريوهات مستقبلية وقابلية التصعيد

أدرج أدناه أربعة سيناريوهات مرتبة حسب احتمالية حدوثها وتأثيرها:

أ. السيناريو المرجح (متوسط الاحتمال — توتر محلي متقطع):

  • مواجهات محدودة ومحلية بين عناصر حماس ومجموعات مثل الجيش الشعبي. تصاعد إعلامي وسياسات أمنية مشددة من حماس (اعتقالات ومداهمات) مع تجاذبات محلية لكن دون انزلاق كامل لحرب أهلية.
    ب. السيناريو الخطر (لاحقًا ذو احتمال معتدل):
  • توسع رقعة سيطرة الفصائل المحلية وانتقال الاشتباكات إلى اقتتال أوسع بين حماس وعشائر/فصائل شمالية، مما يؤدي إلى انقسام جغرافي لأجزاء من غزة وفقدان النظام العام.
    ج. السيناريو الأضعف (احتمال أقل لكن كارثي):
  • تدخل عشائري واسع أو تحالف بين مجموعات محلية متعددة يقود إلى حرب أهلية مفتوحة داخل القطاع. كلفة إنسانية واجتماعية هائلة.
    د. السيناريو الخارجي (معدل احتمال متغير):
  • استغلال جهات خارجية للنزاع الداخلي (ضغوط، دعم، أو استغلال معلوماتي) يؤدي إلى تعقيد الصراع وتحويله إلى جبهة إقليمية مصغّرة.

8) تقييم القدرة الحقيقية على تحدي حماس الآن

  • حماس تملك شبكات استخباراتية وأجهزة قمعية وتجربة طويلة في ضبط الأمن؛ لذلك قدرة المنسي الحالية على هزيمة حماس عسكريًا تبدو محدودة ما لم يحصل على دعم شعبي واسع أو تسليح وتمويل خارجي.
  • مع ذلك، القدرة على إضعاف شرعية حماس محليًا كبيرة، لأن فقدان ثقة المواطنين وامتناع المجتمع عن التعاون الأمني مع الحركة قد يخلق بيئة يصعب فيها على حماس السيطرة دون تكاليف باهظة.

9) توصيات تحليلية 

  • مراقبو المجتمع الدولي والجهات الإغاثية: احذروا من انفلات أمني يؤثر على وصول المساعدات — ضعوا خطط بديلة لتأمين الممرات والمستشفيات.
  • للوسطاء: العمل الآن على جسر تواصل محلي بين وجهاء الشمال وحماس لاحتواء النزاع قبل أن يتحول لصدام مسلح.
  • للفاعلين المحليين: ردم الفجوة بين مطالب الأهالي ومطالب الفصائل عبر آليات عدلية شفافة، لأن استمرار «القضاء الميداني» يزيد من خطورة التفكك الاجتماعي.

خاتمة مختصرة 

ظهور أشرف المنسي والجيش الشعبي ليس مجرد عرض إعلامي؛ إنه جرس إنذار حقيقي حول هشاشة أمن غزة الداخلي وفقدان ثقة السكان في مؤسساتها الحالية. حماس بوجهها الممسك بالسلطة اليوم أمام اختبار: إما تهدئة توجّهات الشارع بالعدالة والإصلاح، وإما مواجهة مع خصوم محليين قد تجر القطاع إلى نزاع داخلي مدمر لا يرحم أحدًا.

المصادر المختصرة (نماذج من التغطية التي اعتمدت عليها)

  • تحليل وتغطية محلية وعربية: Erem News — تقرير ظهور «الجيش الشعبي».
  • تقارير وتحليلات إعلامية غربية: Times of Israel — إشارات إلى زعامة المنسي ووجود «قوات شعبية».
  • مراصد إخبارية (اشتباكات محلية): Jerusalem Post — أحداث في بيت لاهيا.
  • سياق أكبر عن تنفيذ إعدامات وما يفاقم الثورة الشعبية: Reuters — تنفيذ أحكام إعدام علنية من قِبل سلطات حماس في وقت سابق.
  • تقارير استخباراتية/مراكز فكر: Soufan Center — تقييم التأثير الأمني والشتات المسلح بعد وقف إطلاق النار.


تعليقات