بشاعة ميليشيات حماس الإرهابية — حين تُضحَّى غزة بحماية لعنة السلطة المسلّحة



كتبت .. سها البغدادي 

غزة اليوم تحترق داخليًا قبل أن تحترق من الخارج. ما كان يفترض أن يكون «قوة حماية» تحولت إلى ميليشيا تحكم بالحديد والنار، تعمل كما لو أن دماء أهل غزة رخيصٌ لا قيمة له، وتضع مصالحها ومخططاتها فوق حياة الشعب. هذه ميليشيات لا تهمّها دولةٌ ولا وطنٌ؛ لا همَّ لها إلا البقاء في سدة القوة، ولو اقتضى الأمر إبادة أو تهجير أو محو مستقبل جيل كامل.

حماس: حربٌ غير محسوبة وستارٌ للممارسات الإجرامية

ميليشيات حماس دخلت معارك لم تُحسن تقدير تبعاتها، خاضت حربًا بلا خطة كاملة، وقدّمت لنفسها عباءة «المقاومة» لتبرير أعمالٍ لا علاقة لها بحماية المدنيين. عبر هذا الستار تُروِّج انتصارات وهمية لإخفاء إخفاقات استراتيجية، وتُحوّل معاناة الناس إلى مادة دعائية تهدر كرامتهم وتسرق آمالهم.

مرتزقةٌ مع من يدفع: من يدعمهم يدفع ثمن الضمير

هؤلاء لا يقاتلون من أجل قضيةٍ نبيلة بل لأجنداتٍ تموِّنهم وتدفع لهم. وصفهم «مرتزقة» ليس مبالغة؛ فهم يتحالفون مع من يدفع ويستمرون في استراتيجية العنف طالما تدفّق الدعم. النتيجة؟ دوائر تمويل تقوى عنفهم وتطيل معاناة المدنيين.

اختلاس التبرعات وبيع الإغاثة: جريمة تضاعف الكارثة

وصلت الاتهامات إلى حد اتهام عناصر من ميليشيات حماس بسرقة التبرعات والمساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء. النتيجة المباشرة: جوع وعطش وتشريد الأسر التي كانت تنتظر الخيم والطحين والدواء. حين تُحوَّل المساعدات إلى تجارة، تتحوّل الإنسانية إلى سارية تُباع، وتزداد مأساة الناس بدلًا من أن تتراجع.

غزة مدينة أشباح: لا مدارس، لا مستشفيات، لا مستقبل

ما تبقى من غزة لا يرقى لأن يُسمى حياة طبيعية. المدارس مدمرة أو مهجورة، والمستشفيات منهارة أو تعمل جزئيًا، والأطفال بلا تعليم منتظم؛ جيل كامل ضاع مستقبله تحت الركام. الشوارع خالية من الحراك اليومي، والأحياء تحولت إلى مشاهد عسكرية ومحطات للمهجّرين والنازحين.

عودة القهر: سيطرة ميليشياتية تُفضّل الموت على الكرامة

عودة ميليشيات حماس لفرض السيطرة كانت بمثابة رجوع الظلم إلى أهل غزة. خرجت هذه الميليشيات من جحورها ليس لتحمي بل لتسيطر وتستبد، وتفرض قوانين القهر والانتقام. أفضت سياستهم إلى وضع اختار فيه بعض الأهالي الموت على يد قوات الاحتلال بدلًا من عيشٍ تحت ذلٍ يتمارَس عليهم يوميًا من قِبل من يدّعون حمايتهم.

جرائم موثقة: إعدامات وحرق بيوت وتنكيل بالعائلات

سجل الانتهاكات يزداد: عمليات إعدام موجزة، حرق منازل، تعذيب وتنكيل برجال عائلات، انتهاك حرمة المنازل والاعتداء على النساء—كل ذلك بجرأةٍ تُوثّقها الميليشيات نفسها أحيانًا عبر منصات التواصل، محاولةً إعلامية للتباهي أو الترهيب، رغم أن هذه التوثيقات تدينها أمام ضمير العالم.

أهداف خطيرة: إبادة، تهجير، مشروع توسعي

الغرائز التي تحرك هذه الكتائب تبدو أنها لا تكتفي بالهيمنة المحلية؛ هناك محاولات وتهديدات بمخططات إبادة وتهجير طمعًا في السيطرة، وحتى أحاديث عن طموحات توسعية تصل إلى سيناء في رؤى مروّعة تجعل من هذه الميليشيات شريكًا غير متوقع مع المشروع الصهيوني في إعادة تشكيل جغرافيا المنطقة حسب مصالحٍ لا علاقة لها بحقّ الشعب الفلسطيني في حياة كريمة.

حصار الشعب داخل المعادلة: دروع بشرية وأداة ضغط

الميليشيات تستخدم أهل غزة دروعًا بشرية، وتحوّلهم إلى ورقة ضغط على مصر والدول الأخرى، مهددةً بتمرير مخطط التهجير إن لم تُمنح ساحةً كاملةً لسيطرتها. إن هذه الممارسات تُعرّض المدنيين للخطر وتُعقّد أي مسعى دبلوماسي أو إنساني لحمايتهم.

أي مخرجٍ إنساني؟ تحديات المجتمع الدولي

المعطيات تفرض أسئلة صارخة على المجتمع الدولي: كيف يُحمي العالم سكان غزة من بطش ميليشيا مسلحة ليست دولة ولا تُخضعها آليات العقوبات التقليدية؟ هل سينشر المجتمع الدولي قواتَ حماية لحماية المدنيين وضمان تنفيذ أي اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار؟ أم يترك غزة رهينة حصارٍ مزدوج: من الاحتلال ومن ميليشياتٍ تهيمن عليها؟

الحل الواقعي: نزع السلاح وإعادة السلطة الشرعية

الخلاص يبدأ بنزع السلاح من الميليشيات وتسليم مقاليد الحكم والموارد إلى سلطة مدنية شرعية قادرة على إدارة شؤون السكان بشفافية وعدالة. إذا أراد العالم أن يبني نواة دولة فلسطينية قائمة، فلا بد من حكومة ممثِّلة وشرعية تدير الأمن والخدمات وتُعيد الثقة، لا ميليشيا تتاجر بالناس أحياءً وأمواتًا.

خاتمة: لا بناء لا سلام مع استمرار عار الحكم المسلّح

ليس هناك سلام أو إعمار أو مستقبل مشرق لغزة ما دام سلاح الميليشيات يُهيمن على القرار. إن حماية أهل غزة وكرامتهم تقتضي خطوات عملية وحاسمة: نزع سلاح الميليشيات، محاسبة مرتكبي الجرائم، إعادة السلطة إلى مؤسسات مدنية شرعية، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بشفافية.

غزة تستحق أن تكون مدينة حياة، لا ساحة صراعات ولا مسرحًا لتجارة الموت. على العالم أن يوقِف هذا العبث الآن، قبل أن يندثر جيلٌ كامل وتصبح فلسطين ذكرى لا أكثر.

تعليقات