كتبت / سها البغدادي – باحثة في الشأن العربي والدولي
في الوقت الذي يعيش فيه أهالي غزة تحت وطأة العدوان والحصار، تتكشف يومًا بعد يوم فصولٌ صادمة من الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا حماس ضد أبناء شعبها، تحت ذريعة «الأمن الداخلي» و«محاربة العملاء».
شهادات وشواهد ميدانية تؤكد أن الحركة تمارس سياسة قمعية ممنهجة، تتنافى مع كل القيم الدينية والإنسانية، وتكشف الوجه الحقيقي لجماعة تتشدق باسم الإسلام بينما ترتكب أبشع الجرائم بحق الأبرياء.
قتل واتهامات بلا دليل
مصادر من داخل القطاع تؤكد أن حماس تُصدر أحكامًا بالإعدام الميداني ضد مدنيين تتهمهم بالعمالة لإسرائيل دون أي دليل أو تحقيق قضائي عادل.
ففي ظل غياب القضاء المستقل، تحولت الشبهة إلى حكم، والوشاية إلى رصاصة.
عمليات الإعدام الميداني تُنفذ بدم بارد، وسط ترويج إعلامي بأن الحركة «تحمي الأمن»، بينما الحقيقة أنها تُرهب الناس وتفرض الصمت بالقوة.
تعذيب واعتداءات وحشية
وفقًا لشهادات محلية موثوقة، تقوم عناصر تابعة لحماس باعتقال الشباب وتعذيبهم بطرق وحشية؛ إذ تُقيد أيديهم وتُغمى أعينهم، ويُسحلون في الشوارع بعد نزع بعض ملابسهم، ثم يُضربون بوحشية.
الأخطر أن بعض المعتقلين يُستهدفون عمدًا بالرصاص في مفصل الركبة — لإحداث عاهة مستديمة — بهدف كسر إرادتهم ومنعهم من المشاركة في أي احتجاج مستقبلي.
هذه الممارسات تذكّر بأساليب الأنظمة القمعية التي طالما أدانتها حماس في خطاباتها، لكنها اليوم تمارسها ضد أبناء غزة بلا خجل.
حرق منازل وترهيب الأهالي
تجاوزت انتهاكات حماس حدود الاعتقال والتعذيب، إذ أقدمت عناصرها على حرق منازل بعض العائلات التي اتهمت ظلماً بالتعاون مع الاحتلال، مما تسبب في تهجير عشرات الأسر وترويع الأطفال والنساء.
بدل أن تحمي الشعب من العدوان، صارت حماس تمارس عدوانًا داخليًا باسم الدين والمقاومة.
نفاق صارخ.. قسوة على المدنيين وخضوع للأسرى الإسرائيليين
في مشهد يثير الغضب والسخرية في آن، تظهر الحركة وهي تُحسن معاملة الأسرى الإسرائيليين وتقدم لهم الطعام والرعاية الطبية والمعاملة “الإنسانية”، بينما تقسو على أبناء غزة وتُهين كرامتهم.
مفارقة تعكس الوجه الحقيقي لجماعةٍ ترفع شعار “المقاومة” لكنها تُمارس الخضوع أمام العدو، وتستخدم العنف ضد شعبها لتثبيت حكمها الحديدي على القطاع.
مخطط خطير لتمزيق غزة وإغراقها بالفوضى
يرى محللون أن ممارسات حماس ليست عشوائية، بل جزء من مخططٍ أكبر يهدف إلى إبقاء غزة في حالة فوضى دائمة، ومنع أي مشروع إعمار أو تسوية سياسية قد تُنهي سيطرتها المطلقة.
فكلما اقتربت جهود السلام أو الإعمار، تصعّد حماس داخليًا لإفشالها، خوفًا من أن تُكشف أسرار أنفاقها ومخازنها ومصادر تمويلها غير المشروعة.
موقف القانون الدولي من هذه الانتهاكات
يُصنف القانون الدولي الإنساني – وخاصة اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 – أي اعتداء على المدنيين أو تعذيبهم أو قتلهم خارج نطاق القضاء كـ جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية.
كما تجرّم المادة (3) المشتركة من الاتفاقيات نفسها جميع أشكال المعاملة القاسية أو المهينة أو الإعدام دون محاكمة عادلة.
وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية هذه الانتهاكات من الأفعال التي تقع ضمن اختصاصها في حال ثبوت الطابع المنهجي أو واسع النطاق.
من هنا، فإن ما تمارسه حماس ضد سكان غزة لا يدخل في نطاق “ممارسات داخلية” كما تدّعي، بل يُعد انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تلزم كل جهة مسلحة – نظامية أو غير نظامية – باحترام حقوق الإنسان وكرامة المدنيين.
نداء إلى الضمير الإنساني
إن ما يجري في غزة لا يمكن السكوت عليه. فحقوق الإنسان لا تُجزأ، ومن يقتل الفلسطيني ويعذبه باسم “المقاومة” لا يقل جرمًا عمن يقصفه من الخارج.
إن واجب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية اليوم هو التحرك العاجل لتوثيق الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها، فصمت العالم يمنح الجناة غطاءً للاستمرار، ويحوّل غزة من ساحة مقاومة إلى سجن كبير بيد جماعة لا تعرف إلا لغة القمع والسلاح.
تعليقات
إرسال تعليق