يا قارئ القرآن أبشر

 


 الإعلامي الدكتور  / عمر هاشم

إذا كان الإنسان لا وجود له، ولا حياة، بغير الروح والقلب والعقل، فإن المسلمين لا كيان لهم، ولا حياة، ولا منزلة، بغير القرآن العظيم، فهو لهم الضياء والغذاء والشفاء ، ومهمة القرآن العظيم لا تقف عند حد الاعتقاد الصحيح وتوحيد الخالق، بل تزيد عليه تهذيب السلوك، وتربية القلب والعقل، وتصحيح المعاملات، وتطبيق قواعد العدل على النفس والغير.

وما حظي عبدٌ ببُشْريات عظيمة في الدنيا والآخرة مثل ما يحظى به قارئ القرآن، ولذا نقول: أبشر يا قارئ القرآن: بمُضاعَفة الثواب: فقد ثبت في السنّة النبويّة أنّ الله -تعالى- يُضاعف أجر قارئ القرآن الكريم؛ لما ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال ( مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ ). 

أبشر يا قارئ القرآن:  بنَيْل مرتبة السَّفرة الكرام البَرَرة: فمن الأحاديث النبويّة الشريفة التي تدلّ على فَضْل قارئ القرآن الكريم ما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال ( الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ)  فقد أكرم الله تعالى قارئ القرآن الكريم الحافظ المُتقِن للأحكام برَفع مكانته يوم القيامة، وجَعله مع السَّفَرة البَرَرة؛ وهم: الرُّسُل؛ لأنّهم يُسفرون إلى الناس برسالات الله -تعالى-، والبَرَرة هم: المُطيعون؛ إذ إنّ البِرّ هو الطاعة، ولا يقتصر الفَضْل للمُتقِن الماهر بقراءة القرآن الكريم فقط، بل يشمل قارئ القرآن الذي يجد صعوبةً أثناء القراءة؛ فقد أكرمه الله -تعالى- بأجرَين؛ أجر القراءة، وأجرٌ بسبب المَشقّة التي يجدها في التلاوة. 

أبشر يا قارئ القرآن: بتنزُّل السكينة: فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ السكينة تتنزّل على قارئ القرآن الكريم، ومن حيث لا يشعر تتنزّل الملائكة؛ لتُنصت وتستمع إلى قراءته؛ فقد ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه ( كانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ منها، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فَقالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ )  وقد فسَّر أهل العلم السكينة بأنّها: سحابةٌ من السماء فيها ملائكة الرحمن، ولو أنّ أُسيد بن حُضير - رضي الله عنه- الذي ضرب أروع الأمثلة في إخلاص العبادة، وحبّ الله ورسوله استمرّ بالقراءة لنزلت الملائكة تُسلّم عليه، ولسلّموا على الناس، وممّا يدلّ على نزول الملائكة؛ للاستماع إلى قارئ القرآن المُخلص في قراءته ما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال ( وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ ) 

أبشر يا قارئ القرآن: بنَيْل الشفاعة يوم القيامة: فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ قراءة القرآن الكريم سببٌ لنَيْل الشفاعة يوم القيامة؛ لِما ورد عن أبي أمامة الباهليّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال  ( اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ ) 

أبشر يا قارئ القرآن: بعِظم القَدْر: فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ لقارئ القرآن الكريم المُخلص بقراءته لله -تعالى- قدراً عظيماً في الدُّنيا والآخرة؛ لِما ورد عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ)  والأُترجة: ثمرةٌ تشبه البطيخ، لونها جميلٌ، ورائحتها عطرةٌ، وطعمها شهيٌّ،وقد شبّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة؛ لأنّ قراءة القرآن الكريم تُحسِّن أخلاق العبد، وتزيد من أعماله الصالحة؛ فتُقرِّبه من الله -تعالى-، وتُحبّبه إلى الناس، كما أنّ الله -تعالى- يرفع مكانة قارئ القرآن الكريم في الدُّنيا والآخرة، على أن تكون القراءة مقرونةً بالعمل الصالح، وإخلاص النيّة، ولذلك يجدر بقارئ القرآن الكريم تدبُّر آياته، ممّا يدفعه إلى العمل الصالح، وتقوية إيمانه، وذلك الهدف الحقيقيّ من كلّ العبادات .

أبشر يا قارئ القرآن: برفع المكانة في الدُّنيا: إذ إنّ قراءة القرآن الكريم سببٌ لنَيْل المكانة الرفيعة في الدُّنيا، والأجر العظيم في الآخرة؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال ( إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ )

أبشر يا قارئ القرآن: بنَيْل أعلى الدرجات في الجنّة: حيث إنّ درجة قارئ القرآن الكريم في الجنّة تكون عند آخر آية يقرؤها؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها )

تعليقات