"لما زيزي اتكلمت... أمينة خليل تفتح ملف الأمراض النفسية المسكوت عنها وتفضح تقصير المجتمع في احتواء المختلف!"


كتبت .. سها البغدادي 

🧠 أولًا: اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) والنبذ الاجتماعي المبكر

الأطفال المصابون بـ ADHD يتعرضون في كثير من الأحيان لما يُعرف في علم النفس بـ الوصم النفسي المبكر (Early Stigmatization):

لأنهم يظهرون سلوكيات غير نمطية (كالحركة الزائدة، المقاطعة، التشتت)، فإن البيئة المحيطة (أهل، مدرسة، مجتمع) تتعامل معهم بوصفهم "مزعجين" أو "غير منضبطين".

هذا يخلق لديهم صورة ذاتية مشوهة تبدأ في التكوّن مبكرًا: "أنا غير محبوب"، "أنا غير مقبول"، وهو ما يُعرف بـ الـ Core Negative Beliefs في المدرسة المعرفية.

في حالة زيزي، هذه الصورة السلبية عن الذات ترسخت نتيجة تجارب قمعية متكررة، مثل الحبس في أوضة الغسيل – ما يعكس إيذاء نفسي وحرمان عاطفي مزمن.

⚡ ثانيًا: التجربة الصدمية المعقدة (Complex Trauma)

زيزي لم تتعرض لصدمة واحدة، بل لسلسلة من الخبرات الصادمة أثناء الطفولة، منها:

النبذ والرفض الاجتماعي،

العقاب الجسدي والنفسي،

الشعور المستمر بالذنب بسبب سلوكها غير المفهوم،

العجز عن تفسير سبب هذا العقاب.

كل ذلك يندرج تحت ما يُعرف في علم النفس الإكلينيكي بـ الصدمة المعقدة (Complex PTSD):

وهي تختلف عن PTSD العادي في أنها ناتجة عن تجارب مزمنة ومتكررة في بيئة يُفترض أنها "آمنة" كالعائلة أو المدرسة.

ضحايا هذا النوع من الصدمة غالبًا يعانون من:

اضطراب في الهوية،

حساسية مفرطة للرفض،

صعوبة في ضبط الانفعالات،

وتشوّه في صورة الذات والعلاقات.

🪞 ثالثًا: الطرح النفسي (Transference) والانبعاث العاطفي (Emotional Reenactment)

عندما قابلت زيزي الطفلة تيتو، حصل ما يُعرف في التحليل النفسي بـ "الطرح العلاجي العكسي" (Corrective Emotional Reenactment):

Transference: زيزي أسقطت مشاعرها تجاه أهلها والمدرسة والمجتمع على تيتو.

Countertransference: زيزي شعرت بحاجة نفسية عميقة لرعاية تيتو – وكأنها تعالج نفسها وهي صغيرة من خلال هذه الطفلة.

وهذا يُعيد إنتاج مشاعر الطفولة ولكن في "سياق علاجي" رمزي.

بمعنى آخر: زيزي لا تعالج تيتو فقط، بل تعالج "الطفلة زيزي" التي لم تلقَ دعمًا في صغرها.

🧠 رابعًا: الذاكرة الصدمية والانفجارات العاطفية (Flashbacks & Emotional Triggers)

البيئة التي تتواجد فيها زيزي (المدرسة، بيت أهلها) تُفعّل ما يسمى في علم الأعصاب العاطفي بـ المحفزات العصبية للصدمات (Trauma Triggers):

هذه المحفزات تثير لديها ما يُعرف بـ الذكريات العاطفية غير اللفظية (Implicit Emotional Memories).

أي أن زيزي لا تتذكر فقط ما حدث، بل تشعر بنفس المشاعر القديمة وكأنها تحدث الآن، وهذا ما يُعرف في الطب النفسي بـ Emotional Flashback.

لذلك علاقتها بتيتو ليست فقط تعاطفًا، بل انفجارًا داخليًا لذاكرة مؤلمة تحتاج للشفاء.

🔁 خامسًا: الدوائر النفسية المتكررة (Repetition Compulsion)

وفقًا لنظرية فرويد في "تكرار النمط"، الشخص الذي لم يتلقَّ علاجًا من صدمته النفسية يميل لا شعوريًا إلى إعادة تمثيل الصدمة في علاقاته:

زيزي كررت نمط الطفلة المضطهدة ولكن هذه المرة بدور "المنقذ".

هي بذلك تحاول "تصحيح" ماضيها، عبر إعادة تشكيله في الحاضر.

هذا ما يُعرف بـ الدافع التصحيحي اللاواعي (Unconscious Corrective Drive).

✅ الخلاصة العلمية

علاقة زيزي بتيتو هي حالة نفسية عميقة فيها:

انعكاس لصورة الذات المجروحة،

استرجاع غير واعٍ لتجارب الطفولة الصادمة،

محاولة لا شعورية لإعادة بناء الهوية عبر إنقاذ من هي انعكاس لطفلتها الداخلية،

وسياق علاجي عفوي يدعم الشفاء الذاتي.

تعليقات