لماذا يتمرد المراهق ويتجاهل أهله؟ وكيفية التعامل التربوي معه؟

كتبت .. سها البغدادي 

مرحلة المراهقة من أكثر المراحل العمرية تعقيدًا وحساسية، فهي تمثل انتقالًا من الطفولة إلى البلوغ، وتشهد تغيرات كبيرة نفسية، عاطفية، وجسدية. وقد يلاحظ الوالدان في هذه المرحلة تغيّرًا جذريًا في سلوك ابنهم، حيث يصبح أكثر تمردًا، وتجاهلًا، وانغلاقًا، بل وأحيانًا يرفض أي توجيه أو أمر منهم.

لماذا يتمرد المراهق ويتجاهل أهله؟ (الأسباب)

  1. الرغبة في الاستقلالية والهوية الشخصية
    يسعى المراهق لتكوين هويته الخاصة، ويبدأ في اختبار الحدود. وقد يرى أن طاعة الأوامر أو الاستماع للنصائح تمثل تهديدًا لاستقلاله.

  2. الشعور بعدم التقدير أو عدم الفهم
    حتى لو قدّم الأهل كل ما يستطيعون، فقد يشعر المراهق أن جهوده أو مشاعره غير مفهومة أو غير معترف بها، مما يدفعه للانسحاب أو العناد.

  3. تأثير الأصدقاء ومواقع التواصل
    يقضي المراهق وقتًا أطول مع أقرانه، ويتأثر بهم كثيرًا. وقد يرى فيهم من يتفهمه ويمنحه القبول، فيعتمد عليهم بدلًا من أهله.

  4. طرق التربية غير المناسبة
    مثل القسوة الزائدة، أو التدليل المفرط، أو كثرة التوجيه والنقد، أو المقارنة مع الآخرين، كلها تؤدي إلى نتائج عكسية.

  5. التغيرات الهرمونية والنفسية
    التغيرات البيولوجية التي يمر بها المراهق تؤثر على حالته النفسية، فتجعله أكثر حساسية وتقلبًا.

  6. غياب الحوار وضعف التواصل الأسري
    إذا لم يكن هناك حوار مفتوح وصادق بين الأهل والمراهق، فسيبحث عن هذا الحوار في أماكن أخرى.

 كيف نتعامل مع المراهق المتجاهل والمتمرد؟

🔹 1. استبدال الأوامر بالحوار

  • لا توجه له أوامر مباشرة مثل: "افعل هذا"، بل استخدم عبارات مثل: "ما رأيك أن نجرب كذا؟"، أو "أنا واثق أنك تعرف القرار الصحيح".
  • شجعه على التعبير عن رأيه، حتى لو اختلف معك.

🔹 2. احترام استقلاليته

  • أعطه مساحة يتحمل فيها بعض المسؤولية ويجرب ويخطئ ويتعلم.
  • لا تتدخل في كل تفاصيل حياته، بل كن داعمًا ومرشدًا.

🔹 3. تعزيز الثقة والقبول

  • امدحه على جهوده وإنجازاته الصغيرة.
  • أظهر له أنك تحبه كما هو، حتى عندما يخطئ.

🔹 4. وضع حدود واضحة بثبات وهدوء

  • لا تفرض القوانين بعنف، بل وضّح الأسباب وكن حازمًا في احترامها.
  • مثال: "الخروج مع الأصدقاء جميل، لكن نحتاج للاتفاق على وقت العودة حفاظًا على سلامتك".

🔹 5. الإصغاء الجيد دون مقاطعة

  • عندما يتحدث، لا تقاطعه ولا تحكم عليه، بل استمع بتعاطف حتى لو لم تتفق معه.
  • هذا يزيد من احتمالية أن يستمع إليك لاحقًا.

🔹 6. تقوية العلاقة دون ضغط

  • شاركه أنشطة يحبها، مثل مشاهدة فيلم، ممارسة رياضة، أو الخروج معًا.
  • الهدف هو بناء علاقة صداقة وثقة، لا علاقة رقابة وتحكم.

🔹 7. كن قدوة هادئة ومتزنة

  • المراهق يراقب أكثر مما يستمع، فإذا رأى والديه يتصرفان بحكمة وضبط نفس، سيتعلم ذلك دون وعظ مباشر.

🔹 8. طلب الدعم عند الحاجة

  • إذا تفاقم السلوك لدرجة الإيذاء أو الانعزال التام، لا مانع من استشارة متخصص نفسي أو تربوي.

كلمة أخيرة للآباء

لا تظن أن المراهق يكرهك أو يرفضك، هو فقط في مرحلة يبحث فيها عن نفسه. قد يبدو متمردًا اليوم، لكنه في داخله يحتاج لحبك وحنانك وثقتك. كن صبورًا، فالمراهقة مرحلة مؤقتة، ولكن تأثير أسلوب تعاملك معه يدوم مدى الحياة.


تعليقات