كتبت.. سها البغدادي
في كل مجتمع، تجد أولئك الذين يجلسون على مقاعد المتفرجين، لا يحركون ساكنًا، ولا يحققون إنجازًا، لكنهم أكثر الناس انتقادًا وأسرعهم إطلاقًا للأحكام. لا يصنعون شيئًا بأنفسهم، لكنهم يشعرون بقيمتهم فقط عندما يقلّلون من قيمة الآخرين. هؤلاء ليسوا مجرد ناقدين، بل عوائق نفسية متحركة، هدفهم ألا ينجح أحد طالما فشلوا هم.
تحليل نفسي لشخصية الناقد الدائم:
الشخص الذي يداوم على نقد الآخرين دون أن يقدّم أي مجهود يُذكر غالبًا ما يعاني من اضطرابات نفسية خفية، منها:
1. الإسقاط النفسي:
يحوّل شعوره بالفشل وعدم الإنجاز إلى هجوم على الآخرين. ما يزعجه في داخله يراه في غيره، فينتقده لينفس عن إحساسه بالعجز.
2. الحسد المقنّع:
هؤلاء الأشخاص لا يحتملون رؤية النجاح في غيرهم لأنه يفضح عجزهم، فيبدأون في التحقير من الإنجازات لتبدو بلا قيمة.
3. انعدام الهوية والهدف:
عندما لا يكون للإنسان رسالة أو هدف في الحياة، يشعر بالضآلة. ولتعويض ذلك، يلجأ إلى تقويض نجاح الآخرين، وكأن فشل غيره يرفعه معنويًا.
4. الإحساس بالدونية المغلف بالتعالي:
كثير من هذه الشخصيات لديها شعور داخلي بالدونية، لكنها تغلفه بقناع من التعالي والنقد اللاذع حتى تبدو قوية، بينما هي هشّة من الداخل.
أساليبهم في التقليل من الآخرين:
*السخرية من أي إنجاز، مهما كان كبيرًا.
*التقليل من قيمة المجهود المبذول بعبارات مثل: "ما يستاهل كل هذا"، أو "لو أنا مكانه كنت عملت أحسن".
*إطلاق الأحكام السريعة دون معرفة التفاصيل.
*تصيد الأخطاء وتضخيمها، وتجاهل النجاحات.
*استخدام عبارات عامة بهدف الهدم مثل: "كله تمثيل"، "كله واسطة"، أو "ده مش شطارة".
كيف يتعامل الشخص الناجح مع هذه الشخصيات؟
1. عدم منحهم طاقة أو وقت:
لا تبرر ولا ترد. الصمت أمام ناقد بلا قيمة أبلغ رد.
2. التركيز على الهدف:
تذكّر أن وجود من يقلل من مجهودك دليل على أنك أنجزت شيئًا يستحق أن يُنتقد. النجاح دائمًا يلفت الأنظار، وبعضها خبيثة.
3. تمييز النقد البنّاء من النقد الهدّام:
ليس كل من ينتقد عدوًا، لكن من يهاجم فقط ولا يضيف شيئًا هو مجرد مثبط، لا يُلتفت إليه.
4. اعرف من أين يأتي الصوت:
اسأل نفسك: "هل هذا الناقد حقق شيئًا؟ هل يعرف المجال أصلًا؟"… أغلب الظن أن الإجابة ستكون "لا"، فاستمر ولا تلتفت.
5. تحويل النقد إلى دافع:
استخدم كل محاولة تقليل كوقود يدفعك إلى الأمام، لتنجح أكثر، لا لتتراجع.
الإنسان الناجح لا ينشغل بمن يجلس في مقاعد الظل ويطلق الأحكام، بل يواصل السير، لأن الطريق لا يتسع للاثنين: إما أن تكون صانعًا للنجاح، أو متفرجًا حاقدًا. لا تسمح لصوت العاجز أن يُربك خطواتك. فالحقيقة البسيطة أن الطيور لا تتوقف لترد على نباح الكلاب.
تعليقات
إرسال تعليق