الجنوب العربي بين حلم الاستقلال وتعقيدات الواقع: استراتيجية مشروطة وتحديات معقدة

 


كتبت .. سها البغدادي 

تقرير استقصائي 

في ظل استمرار الحرب اليمنية لسنوات طويلة، يظل ملف الاستقلال الجنوبي أحد أبرز القضايا الشائكة التي تعيد تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن. ورغم الزخم الشعبي والسياسي الذي يحمله هذا الملف في الجنوب، إلا أن طريق الاستقلال محفوف بتعقيدات أمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية، فضلاً عن الواقع المفروض من ميليشيات الحوثي في الشمال.

الحوثي: عقدة مستمرة في المعادلة اليمنية

بحسب محللين سياسيين، فإن الحديث عن مستقبل الجنوب لا يمكن فصله عن حضور الحوثيين في المشهد الشمالي.
فالميليشيات الحوثية، التي يُنظر إليها على أنها جماعة ظلامية مسلحة ذات أيديولوجيا مذهبية، أصبحت اليوم جزءًا لا يتجزأ من البنية المجتمعية والسياسية في الشمال.
ورغم أن الحرب ضدها استمرت سنوات طويلة بدعم إقليمي ودولي، إلا أن الواقع يبرهن على أن الحوثي لن يرحل بالقوة العسكرية حتى لو استمرت الحرب 100 عام، فهو يمتلك نفوذًا واسعًا، وسيطرة على مؤسسات ومناطق استراتيجية، إضافة إلى دعم خارجي يصعّب تهميشه أو إجباره على الرحيل بسياسات الضغط أو الإقصاء.

استراتيجية الاستقلال الجنوبي: بين الطموح والضرورة

لتأمين استقلال الجنوب بشكل واقعي ومستدام، يرى خبراء أن المسار يتطلب خطة استراتيجية متعددة الأبعاد، لا تقتصر على السياسة، بل تشمل الاقتصاد والمجتمع والثقافة:

1. البعد الأمني

  • توحيد الفصائل والقوى المسلحة الجنوبية تحت مظلة واحدة خاضعة لسلطة مدنية.
  • وضع ترتيبات أمنية واضحة مع القوى الإقليمية (خصوصًا دول الخليج) لتأمين الموانئ والحدود.
  • منع أي فراغ أمني قد يسمح بعودة الجماعات المتطرفة أو تشكل ميليشيات خارجة عن السيطرة.

2. البعد الاقتصادي

  • تأسيس صندوق سيادي جنوبي لإدارة موارد النفط والغاز والضرائب.
  • إعادة تأهيل ميناء عدن ليكون منصة إقليمية للتجارة، بما يوفر موارد ثابتة بعيدًا عن الارتهان للمنح.
  • إطلاق شراكات اقتصادية مع المجتمع الدولي تضمن تدفق الاستثمارات ومشاريع إعادة الإعمار.

3. البعد الاجتماعي

  • تعزيز المصالحة الداخلية بين مختلف مكونات المجتمع الجنوبي (قبائل، أحزاب، نخب مدنية).
  • مواجهة خطاب الكراهية والانقسام الذي تغذيه بعض القوى لعرقلة الاستقلال.
  • إشراك الشباب والنساء في صياغة المستقبل السياسي لتجنب احتكار القرار بيد فئة محددة.

4. البعد الثقافي والهوياتي

  • إعادة إحياء الهوية الجنوبية عبر المناهج التعليمية والإعلام المحلي.
  • دعم الفنون والأنشطة الثقافية كأداة لبناء وعي وطني جامع.
  • مواجهة محاولات طمس الهوية أو إذابتها في صراعات الشمال المستمرة.

التحديات التي تواجه الاستقلال

  1. تعدد الفصائل المسلحة في الجنوب: ما زالت بعض القوى تتصارع على النفوذ، ما يهدد وحدة القرار.
  2. الوضع الإنساني الهش: ملايين الجنوبيين يفتقرون إلى الخدمات الأساسية، وهو ما قد يُستغل سياسيًا لإفشال مشروع الاستقلال.
  3. الانقسام الإقليمي والدولي: رغم وجود تعاطف إقليمي مع القضية الجنوبية، إلا أن الاعتراف الدولي لا يزال بعيدًا، ويعتمد على تفاهمات معقدة مع الأطراف الأخرى.
  4. النفوذ الحوثي المستمر في الشمال: وهو ما يجعل أي انفصال جنوبي مرتبطًا بصفقة سياسية إقليمية ودولية لا يمكن تجاوزها.

نحو حل سلمي لا عسكري

يشير محللون إلى أن الحل العسكري وحده أثبت فشله في اليمن، وأن الجنوب إذا أراد تحقيق استقلاله فعليه أن يسلك طريقًا مختلفًا، يقوم على:

  • الحوار والتفاوض برعاية أممية لإيجاد آلية سلمية للاعتراف بحق تقرير المصير.
  • تحالفات اقتصادية وأمنية تمنح الجنوب مقومات الدولة وتمنع انهياره بعد الانفصال.
  • بناء شرعية داخلية قوية تستند إلى استفتاء شعبي واضح لا لبس فيه.

  

يبقى استقلال الجنوب العربي طموحًا مشروعًا لجماهير واسعة، لكنه مشروط بقدرة القيادات الجنوبية على إدارة ملف شائك ومعقد تتداخل فيه العوامل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي ظل واقع يفرضه الحوثيون في الشمال بقوة النفوذ والدعم، فإن تحقيق هذا الاستقلال لا يمكن أن يأتي عبر الحرب أو سياسة الإجبار، بل عبر استراتيجية سلمية، تفاوضية، ودبلوماسية تستند إلى شرعية شعبية وتحالفات إقليمية ودولية متينة.


تعليقات

  1. عليهم الاهتمام بالرعبل الاول الرجال الذين ادوامااستطاعواتقديمه لبناءجمهورية الجنوب العربي والان رواتبهم ماتكفيه لشرب شاهي بها خلال الشهر
    والقائمين الان هم يانهب أموال وثروات الوطن الجنوب العربي
    خايفين لايجب لهم مصير مثل مصير الأولين
    اهتموابالرعيل الاول اضمن لكم بناءدواه

    ردحذف

إرسال تعليق