بعض دول العالم تحظر تيك توك لأسباب أمنية وأخلاقية — ومصر تصر على تنظيم المحتوى وعدم المنع

 


في السنوات الأخيرة، اتخذت عدة دول قرارات بحظر (كلي أو جزئي) تطبيق تيك توك مبرّرة ذلك بمخاوف تتعلّق بالأمن القومي، حماية الخصوصية، التأثير على الشباب، والرقابة على المحتوى. من جهة أخرى، مصر اختارت منهجًا مختلفًا: لا من قرار بحظر شامل، بل تنظيم المحتوى والتشريع لضبط الانزلاقات.

لماذا تحرّكت بعض الدول ضد تيك توك؟

  1. المخاوف الأمنية وحماية البيانات
    العديد من الدول تخشى أن يكون التطبيق خاضعًا لتأثير حكومة صاحبة الشركة الأم، خصوصًا فيما يتعلق بجمع بيانات المستخدمين، كيفية تخزينها أو مشاركتها، والإمكانية أن تُستخدم هذه البيانات لأغراض غير معلنة.

  2. الأثر الاجتماعي على الشباب
    تتحدث الحكومات عن محتوى غير مناسب أخلاقياً، تشجيع على العنف أو التنمر، التحرّش، أو تأثير سلبي على الصحة النفسية. مثال: ألبانيا قرّرت إغلاق تيك توك لمدة سنة بسبب تزايد مشاهد التنمّر أمور عنيفة بين المراهقين بعد خلافات بدأت على التطبيق.

  3. التحكم بالخطاب العام ومكافحة التضليل
    بعض الحكومات تخشى من انتشار الأخبار المزيّفة، أو المحتوى الذي يحرك العواطف، أو الذي يُستخدم لأغراض دينية أو سياسية تؤجّج الكراهية أو الانقسامات. تطبيق سريع الانتشار مثل تيك توك يُعد منصة مؤثّرة قد تُستغَل بسهولة.

  4. الرقابة الحكومية والأجهزة الرسمية
    في بعض الدول، الحظر لا يكون للمستخدم العادي بل يُقيّد استخدامه على الأجهزة الرسمية (لهؤلاء الذين يعملون في الحكومة أو يعملون على شبكات رسمية حساسة) لمنع اختراق أو تسريب بيانات هامة.

موقف مصر: لماذا لا تحظر تيك توك؟

رغم الانتقادات الواسعة والأحداث المؤسفة التى شاهدها العالم من استغلال بعض التيك توك للتطبيق فى أنشطة مشبوهة مثل غسيل الأموال وعرض محتوي خادش للحياء إلى جانب التسول الإليكتروني وغيره من الأنشطة المشبوه  ، مصر تظهر تصميمًا على إبقاء تيك توك متاحًا، مع إشراف وتنظيم. إليك بعض الأسباب:

  1. شعبية واسعة واستخدام كبير
    تيك توك يحظى بشعبية كبيرة بين الشباب والفئات المختلفة في مصر. إغلاقه أو منعه سيزعزع استخدامًا يوميًا كبيرًا جدًا، وقد يولّد غضبًا أو رد فعل سلبي من المستخدمين.

  2. الأثر الاقتصادي والإعلاني
    المنصة تُعتبر مصدر دخل لبعض صُنّاع المحتوى والمعلنين. كما أنها سوق إعلانية مربحة، تجذب الشركات المحلية للإعلان من خلالها. إغلاق المنصة قد يؤثر على هذه القطاعات الاقتصادية. (رغم أن المصادر لم تذكر هذا السبب بشكل مباشر، لكنه منطق منتظم يتبعه أي بلد عند التعامل مع تطبيقات إعلامية ضخمة)

  3. منهج التنظيم بدل المنع
    مصر تُفضّل إصدار التشريعات والقوانين التي تضبط المحتوى وتُراقِبه بدلاً من المنع الكامل. فمثلاً:

    • البرلمان المصري أكد أن لا نية لفرض حظر شامل على تيك توك.
    • تم إعطاء المنصة مهلة ثلاثة أشهر لملاءمة المحتوى مع المعايير الاجتماعية والأخلاقية المصرية.
    • ضبط المقاطع والبث المباشر التي تُخالف القيم الدينية أو المجتمعية، إزالة المحتوى المخالف بسرعة.
  4. التوازن بين الحرية والمراقبة
    الحكومة تستثمر في إطار رقابي قانوني يسمح بحرية التعبير ونشر المحتوى لكن ضمن حدود تحمي الأخلاق العامة، وتمنع الإساءة أو الانحراف الأخلاقي. هذا التوازن يُنظر إليه كأسلوب حكيم من بعض المسؤولين بدلاً من المنع الكلي الذي قد يُعدّ قمعًا أو تدخلًا مفرطًا.

خاتمة

قرار العديد من الدول بحظر تيك توك أو تقييده يأتي من مزيج من المخاوف الأمنية، التأثير الاجتماعي، والحاجة لحماية القيم. مصر اختارت طريقًا وسطًا: السماح بالتطبيق مع قواعد واضحة وتنظيم يحد من الانتهاكات. هذا لا يلغي وجود مشاكل، لكنه يظهر أن الحكومة ترى المنع الكامل كخيار أخير، وتهدف أولًا لضبط المحتوى وحث المنصة على التوافق مع القيم والمجتمع.


تعليقات