الميليشيات.. الطاعون الجديد الذي ينهش جسد الأمة العربية من الداخل!

بقلم .. سها البغدادي 

لم تعد الميليشيات مجرد مجموعات مسلحة خارجة عن القانون.. بل تحولت إلى وحوش تتغذى على الفوضى وتعيش على دماء الأبرياء، تنهش جسد الأمة العربية قطعة بعد قطعة، تحت شعارات زائفة عن “المقاومة” و“الحرية” و“الدين”.

الخطر الحقيقي اليوم لا يأتي من جيوش الأعداء على الحدود، بل من تلك العصابات التي تنبت كالأعشاب السامة داخل أرضنا.
الجيش النظامي عدو تعرفه، تراه في الميدان وتواجهه في معركة واضحة، لكن الميليشيا عدو جبان يختبئ بين الناس، يضرب من الخلف ثم يرفع شعار البطولة الكاذبة.

في كل دولة عربية انهارت فيها هيبة الدولة، خرجت الميليشيات من تحت الركام لتملأ الفراغ:
في العراق تحولت إلى أذرع لدول أخرى،
في سوريا مزقت الأرض بين عشرات الرايات،
في ليبيا قسمت الوطن إلى مناطق نفوذ،
وفي اليمن أرهقت شعبًا كاملًا بحرب لا تنتهي.

وفي السودان نجد الصراع بين مليشيات الدعم السريع والمجلس الإنتقالي 

الميليشيات لا تملك وطنًا ولا عقيدة.. بل ولاءً لمن يمولها ويُسلحها.
هي أدوات مرتزقة تُدار عن بُعد من غرف مظلمة في عواصم لا تريد للعرب استقرارًا ولا وحدة.
كل رصاصة تطلقها هذه الجماعات تصيب الأمن القومي العربي في قلبه، وتفتح بابًا جديدًا للتقسيم والدمار.

لقد أصبحت حرب الميليشيات أخطر من أي حرب نظامية؛
فالعسكري النظامي يقاتل وفق قانون وشرف، أما عناصر الميليشيا فيقاتلون بعشوائية وغلٍّ أعمى، لا يفرقون بين طفل وجندي، ولا بين مسجد ومخزن سلاح.
هم لا يعرفون الوطن.. يعرفون فقط “الغنيمة” و“الزعيم” و“الممول”.

الدم العربي أصبح وقودًا لحروبهم القذرة، والسكوت عنهم خيانة كبرى.
التحذير لم يعد ترفًا، بل واجبًا قوميًّا:
إذا لم تتوحد الدول العربية لمواجهة سرطان الميليشيات، فإن حدودنا ستُرسم من جديد لا بالحبر، بل بالدم!

حان الوقت أن نسمّي الأشياء بأسمائها:
الميليشيات ليست مقاومة.. وليست حرية.. إنها وجه جديد للاستعمار الحديث، وأداته الأخطر لتفكيك الأمة العربية من الداخل.
وحين تصحو الشعوب العربية على هذه الحقيقة، لن يبقى لتلك العصابات ملاذ ولا ملجأ، لأن الوعي أقوى من الرصاص، والوطن أكبر من أي ميليشيا.


تعليقات