مما لا شك فيه أنه لا حد يستطيع أن ينكر أننا دخلنا عصرا جديدا يسمى عصر الذكاء الاصطناعى بلغ فيه الانسان قمة التفاعل مع الألة حيث أصبح للتكنولوجيا قدرة فائقة على إعادة تشكيل ورسم العديد من القواعد الاجتماعية والثقافية للمجتمعات الانسانية على إختلاف ثقافتها حيث أصبح للذكاء الاصطناعى تأثير كبير على تشكيل الهوية الفردية الجماعية كذلك فى تعزيز أو اضعاف التنوع الثقافى والابداع خصوصا فى مجتمعاتنا العربية التى تتمتع بتراث ثقافى وحضارى عريق .
وقد لا يحتاج المرأة لاكثر من وقفة قصيرة ليدرك ذلك التأثير القوى للتكنولوجيا بما يحملنا على الاعتقاد بأن التكنولوجيا دخلت بالفعل المرحلة التي صارت عندها قادرةعلى تغير ملامح الوجود الأصيل، وتنذر بتمزيق الوشائج القائمة ليس بين الإنسان والكون فحسب، بل بين الإنسان وبين أخيه الإنسان ومن هنا تظهر إشكالية خطورة التطور التكنولوجيا الذى لا تحكمه القيم الأخلاقية التى تراعى الابداع الفطرى التاتج عن تفاعل مشترك بين الانسان والطبيعة هذه الاشكالية التى حذر منها الفيلسوف الالمانى مارتن هايدغر فى كتابه سؤال التكنولوجيا التى نفذا فيه الى جوهر التكنولوجيا عوضا عن إعتبارها مجرد أداه مطوعة ومحايدة فى يد الانسان فالتكنولوجيا منظومة لفهم العالم تستعصى على فهم الانسان وتحكمه وبهذا الإعتبار تمثل خطرا وتهديد على الابداع الانسانى وتجعل الانسان لايفكر فى الطبيعة سوى بوصفها موضوع قياس وتعديل واستغلال .
وإن مايحدث يجعلنا نتسأل عن خطورة الذكاء الاصطناعى على الابداع الانسانى الذى استبدل الطبيعة بالآله التى لاتتقيد بمعايير موضوعية ولاقيم أخلاقية وحقوقية للإبداع بل تنطلق من فكرة مجردة كى تبلغ فكرة أخرى أكثر تجريدا ليتحول الإبداع الى مجرد تطبيقات رقمية تساهم فى تشظى المنظومة الإبداعية المرتبطة بالارض والثقافة والتراث ويخرج الابداع من دائرة المنظومة الثقافية الى دائرة الإبداع المشخصن الذى لايعبر عن ثقافة اوبيئة بعينها .
كمان أن إبداع الآله يفتح أبواب ثقافة الإحتيال التى تستلهمم معطياتها من فكرة تجميع الاحجارلتكوين المعبد دون أن يكون لها دورا اساسى فى البناء أوبصمة فنية اوفكرة مستمدة من البيئة او الثقافة الاصيلة المحيطة ..و تتجلى ثقافة الاحتيال بشكل واضح فى العديد من الاعمال الابداعية المختلفة على رأسها الابداع فى مجال الفنون التشكلية حيث يطلب من الآلة أن تخرج عمالا فنيا يعبر عن فكرة معينة بستخدام أعمال فنينة لفنانين أخريين فيتم المزج بين تلك الاعمال لاخراج عمل فنى جديد دون مراعاة لحقوق الملكية الفكرية لهؤلاء الفنانين أو تقديم طلب للألة بكتابة مقال عن موضوع معين فتجمع الآله كتابات متفرقة من أعمال مبدعين لتخرج عملا فنيا يفتقر الى اقل قدرمن الابداع ويتميز بطابع الاحتيال المعلوماتى الواضح ،وبهذا يصبح بمقدور كل انسان مهما نقص حظه من الموهبه أن ينافس أصحاب الباع الطويل فى الابداع ورغم أن هذا قد يكون محررا على الابداع الا انه له انعكاسات كبيرة وخطيرة عن العلاقة بين الموهبة الفردية الابداعية والتراث الجماعى .
وهذا يجعلنا نتسأل عن المعنى الأسمى للابداع والهدف منه والذى يتصف فى أبسط معانيه بالقدرة على إنتاج وتأليف عناصر موجودة لخلق شى جديد بأستخدام قدرات الانسان الحسية مثل القدرة على التخيل مع العوامل الموضوعية مثل البئية الاجتماعية والثقافية التى يعيش فيها المبدع ..أين هذا من ابداع الآله التى تعتمد على الافكار المجردة ومن هم مستهلكوا الابداع اذا تحول كل إنسان إلى مبدع من خلال الآله أين هم مستهلكوا الابداع ....!! فى عصر ابداع الآلة.
تعليقات
إرسال تعليق