كتبت .. سها البغدادي
في لحظة فارقة من تاريخ الشرق الأوسط، وبينما تتساقط أوراق القوى الإقليمية والدولية واحدة تلو الأخرى، تتقدم مصر لتُعلن انتصارها الحقيقي في معركة "طوفان الأقصى" دون أن تُطلق رصاصة واحدة، في مشهد يعيد إلى الأذهان استراتيجية “نصر بلا حرب” التي أبدعها العقل المصري منذ حرب أكتوبر المجيدة.
فبينما غرق الآخرون في دوامة الدم والدمار، نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي — الذي وصفه المتابعون بـ"إمبراطور الخطوط الحمراء" — في تفكيك مخطط التهجير المرسوم بعناية لتهجير سكان غزة إلى سيناء، ليحافظ على الأمن القومي المصري، ويدافع عن الحقوق الفلسطينية، ويؤكد أن قوة مصر الحقيقية تكمن في وعيها وقيادتها، لا في سلاحها فقط.
خلال الشهور الماضية، واجهت القاهرة أعقد حرب سياسية واقتصادية وأمنية في تاريخها الحديث. فقد حاولت قوى دولية تطويق مصر عبر ملفات متعددة:
- سد النهضة كورقة ضغط مائي.
- الميليشيات الحوثية لضرب الملاحة في البحر الأحمر والتحكم في باب المندب.
- إطلاق الشائعات لاتهام مصر زورًا بأنها تحاصر غزة.
- محاولات التهجير القسري تحت مسميات “الوطن البديل”.
- الحصار الاقتصادي والفوضى الداخلية لإضعاف الدولة.
لكن النتيجة جاءت عكس كل التوقعات: فشل الجميع، وفازت مصر.
الرئيس السيسي — بعبقريته الحربية وحكمته السياسية — استخدم معارك السياسة لحسم معارك السلاح، ونجح في حماية مقدرات شعبه، وفي الوقت ذاته دعم الشعب الفلسطيني في ثباته على أرضه، حتى عاد آلاف الفلسطينيين مؤخرًا إلى ديارهم في شمال غزة بفضل الجهود المصرية.
وفي قراءة واقعية لمشهد "طوفان الأقصى"، يتضح أن كل الأطراف خسرت باستثناء مصر:
- إسرائيل فشلت في تنفيذ مخططها الرئيسي بتهجير سكان غزة والسيطرة على الغاز والموانئ.
- حماس فقدت جزءًا كبيرًا من قوتها وباتت تفاوض على بقائها.
- الولايات المتحدة فشلت في عسكرة البحر الأحمر وتدويل مضيق باب المندب، فيما ظل طريق الحرير الصيني قائمًا وقناة السويس مفتوحة.
- إيران خسرت نفوذها وأذرعها الإقليمية بعد انكماش دورها في المنطقة.
أما مصر، فقد خرجت من الأزمة أقوى سياسيًا وعسكريًا، بعدما استعادت سيادتها الكاملة على سيناء دون أى قيود ، وفرضت نفسها كقوة توازن واستقرار في الشرق الأوسط.
اليوم، تُثبت القاهرة مجددًا أن النصر لا يكون فقط في ميادين القتال، بل في إدارة الأزمات بعقل الدولة، وأن القيادة المصرية نجحت في حماية الوطن، وحفظت كرامة الأمة العربية من الانهيار أمام أخطر مخطط غربي لتقسيم المنطقة.
لقد انتصرت مصر لأنها لم تُساوم، ولم تخضع، ولم تتورط.
انتصرت لأنها اعتمدت على وعي شعبها، وصلابة جيشها، وحنكة قائدها.
“الكل خسر.. وفازت مصر.”
شعارٌ يلخّص ملحمة سياسية وعسكرية جديدة تُضاف إلى سجل أمجاد الدولة المصرية الحديثة.
تعليقات
إرسال تعليق