الباحث السياسي الجنوبي عبد الله عوض باحاج لـ«صوت العرب»:
القوات الجنوبية صمام أمان… والانفصال مسألة وقت بعد اكتمال الشروط والدعم الدولي
في حوار خاص مع صوت العرب ، تحدث الباحث السياسي الجنوبي عبد الله عوض باحاج عن التطورات الأخيرة في الجنوب اليمني، وسيطرة القوات المسلحة الجنوبية على كامل وادي وصحراء حضرموت والمَهرة، ومستقبل عملية فك الارتباط، إضافة إلى طبيعة العلاقة مع التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
الحوار التالي يتضمن رؤية سياسية شاملة يقدّمها باحاج حول المرحلة الراهنة، وما يترتب عليها من تحولات داخلية وإقليمية:
كيف يقيّم الشارع الحضرمي انتشار القوات المسلحة الجنوبية في مناطق وادي وصحراء حضرموت؟
ينظر أبناء حضرموت إلى انتشار القوات الجنوبية بعيون وقلوب يملؤها الفرح، لما يمثله هذا التواجد من أمان واستقرار وعودة لهيبة القوات الجنوبية التي دمّرها نظام صنعاء القبلي في السابق. اليوم تعود هذه القوات بشكل أكثر تطورًا وحداثة، وبقدرات قتالية عالية، لتكون حامية لكل المحافظات الجنوبية دون استثناء.
هذا الوجود يحظى بتأييد واسع من أبناء حضرموت، الذين يعتبرون القوات الجنوبية قوة رادعة لأي تهديد يمس التضحيات الوطنية أو يعرّض السلم الاجتماعي للخطر، خصوصًا في ظل انتشار الجماعات المتطرفة والظواهر السلبية السابقة.
ومن هنا أصبحت القوات المسلحة الجنوبية صمام الأمان لحفظ الأمن والاستقرار وحماية الملاحَة البحرية والأمن الإقليمي والدولي.
ما مدى جاهزية المجلس الانتقالي لإدارة الجنوب وبناء مؤسسات الدولة؟
الانتقالي لم يقدم على أي خطوة إلا بعد قراءة دقيقة للمرحلة الحالية، وإعداد دراسات تقييمية كاملة، وإشراك الكفاءات السياسية والاقتصادية والقانونية.
هناك قناعة واضحة لدى القيادة الجنوبية، ممثلة بالرئيس عيدروس الزبيدي، بأن فك الارتباط يحتاج بنية قوية، وقد تم بالفعل بناء معظم هذه الركائز، سواء عبر القوة العسكرية أو الهياكل الإدارية.
البنية المؤسسية في الجنوب شبه جاهزة، والكفاءات التي تستطيع إدارة الدولة موجودة بالفعل، فالجنوب لطالما كان “مصنعًا لرجال الدولة”.
سيطرة الانتقالي على حضرموت والمَهرة… كيف تقرأون المشهد؟
ما حدث هو انتصار استراتيجي مكتمل الأركان.
القوات الجنوبية تمكنت من دحر قوات المنطقة العسكرية الأولى التي ارتبط اسمها بسنوات طويلة من الانفلات الأمني، وتسجيل عشرات جرائم القتل والنهب بحق المسافرين والمغتربين.
اليوم، بعد الانتشار الجنوبي، عادت الشركات للعمل بسلاسة، واستمرت تغذية الكهرباء بالوقود، وتم منع التشكيلات القبلية المسلحة القادمة من خارج سلطة الدولة.
النتيجة:
استقرار، أمن، وعودة للمؤسسات الخدمية.
هل تواجه القوات الجنوبية ضغوطًا إقليمية أو دولية بعد هذا التقدم؟
في تقديري، لا توجد ضغوط “مميتة” أو قاهرة على الانتقالي، بل إن ما يجري هو إعادة ترتيب للمصالح الإقليمية والدولية قبل الإعلان النهائي عن مستقبل الجنوب.
العالم اليوم يدرك أن القوات الجنوبية أصبحت القوة الفاعلة والمتحكمة في مسرح العمليات بكامل محافظات الجنوب، وأن أي ترتيبات مستقبلية للمنطقة لن تتجاوزها.
أين تقف المملكة العربية السعودية من هذه التحولات؟
لا أعتقد أن السعودية تغفل عن حجم المظالم التي تعرّض لها الجنوب طوال العقود الماضية:
النهب، التهميش، الإقصاء، جرائم القتل، تسريح كوادر الدولة… وغيرها.
وهذا ما يجعل موقف السعودية اليوم إيجابيًا تجاه المجلس الانتقالي وقضية الجنوب، بل إن العلاقة بين الطرفين أصبحت أكثر عمقًا، والتنسيق يتم بشكل كامل، دون خروج الرئيس عيدروس الزبيدي عن إطار التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
هل اقترب موعد إعلان دولة الجنوب؟
من وجهة نظري، نعم.
كل المعطيات العسكرية والسياسية والقانونية باتت متوافرة.
كل المحافظات الجنوبية الآن تحت سيطرة القوات الجنوبية، ما يمهّد بوضوح لبداية استقلال فعلي عن مؤسسات الدولة المركزية.
المجلس الانتقالي لن يعلن فك الارتباط إلا بعد استكمال الضمانات القانونية الدولية، وقد ناقشت القيادة هذا الملف مع شخصيات سياسية واقتصادية وقانونية، وهناك قناعة دولية متنامية بأن «الوحدة انتهت»، وأن العودة لصيغة دولتين هي الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.
العالم لن يتأخر في الاعتراف إذا اكتملت الترتيبات القانونية، بل قد يدفع باتجاه هذا الاستقلال عندما يقتنع بأن الجنوب جاهز سياسيًا واقتصاديًا ودستوريًا.
كلمة أخيرة حول مستقبل الجنوب؟
لا شيء يبرر تأخير فك الارتباط أكثر مما تأخر.
كل شيء أصبح جاهزًا: الأرض، القوة، المؤسسات، الإرادة الشعبية.
المرحلة القادمة هي مرحلة إعلان الدولة الجنوبية بعد استكمال التفاصيل القانونية والدستورية.
وما جرى في حضرموت والمَهرة هو مجرد بداية… والبقية قادمة.

تعليقات
إرسال تعليق