لوحة لفنان كريكاتير تجسد الفلكلور الشعبي المصري في نقل عفش العروسة ومظاهر الإحتفال

 

عفش العروسة بريشة الفنان حسني عباس 

كتبت .. سها البغدادي 

يُعتبر نقل عفش العروسة إلى بيت العريس أحد الطقوس الفريدة والراسخة في التراث الشعبي المصري، وتحديدًا في الأحياء الشعبية والريفية. هذا الحدث لا يُعد مجرد خطوة لوجستية في طريق الزواج، بل يتحول إلى كرنفال شعبي يحمل طابع الفرح والاحتفال والتضامن الاجتماعي، حيث يشارك فيه الجيران والأهل والأصدقاء، في مشهد مليء بالألوان والضحك والأغاني والموروثات.

مظاهر الاحتفال بنقل عفش العروسة

  1. الزفة الشعبية:
    يُنقل جهاز العروسة في موكب احتفالي يبدأ من بيتها إلى بيت العريس. غالبًا ما يُستخدم "كارو" (عربة يجرّها حمار أو حصان) تزيّن بالأقمشة المزركشة والورود، وتعلوها قطع الأثاث والمراتب والمفروشات.

  2. الطبل والزمر:
    يقود الزفة طبّالون وزمّارون يعزفون أغانٍ شعبية مبهجة، بينما يرقص الأطفال والكبار حول العربة.

  3. الزغاريد:
    تطلق النساء الزغاريد من الشرفات والنوافذ في تعبير عن الفرح، خاصة لحظة مرور الجهاز أو رؤية العروسة.

  4. التنجيد:
    تُرص المراتب والمفروشات فوق العربة بطريقة مُبهرة، حيث تكون الألوان زاهية ومتناسقة، وتعلوها أحيانًا "الكوفرتة" أو "المفرش" المطرز كهديّة رمزية.

  5. البهجة الجماعية:
    المشهد كله يعبّر عن تكاتف اجتماعي وفرح جماعي، حيث يشارك الجميع في الغناء والرقص، وتُوزع أحيانًا الحلوى أو المشروبات.

التحليل الفني للوحة الكاريكاتير

الرسام: حسني عباس  – 2022

اللوحة التي نراها تمثل مشهدًا كاريكاتيريًا فكاهيًا نابضًا بالحياة لزفّة نقل عفش العروسة في أحد الأحياء الشعبية المصرية، ونحللها فيما يلي:

1. الشخصيات والتفاصيل:

  • اللوحة مليئة بالشخصيات الضاحكة، ما يعكس الفرح الشعبي العفوي.
  • نرى العروسة تجلس فوق كومة من المراتب الملونة، في مشهد رمزي ساخر يشير إلى أهمية المهر والجهاز.
  • عربة الكارو التي يجرها الحمار تُستخدم كوسيلة للنقل، في توثيق واقعي للوسائل المستخدمة في الأحياء الشعبية.

2. اللون والحركة:

  • الألوان الزاهية (أحمر، أزرق، أصفر، بنفسجي...) توحي بالبهجة والمبالغة الكاريكاتيرية.
  • التفاصيل الدقيقة مثل الزينة المعلقة، والوجوه المتفاعلة في النوافذ، وحركات الأيادي، تعطي اللوحة إحساسًا بالحيوية والضوضاء الجميلة.

3. الرموز الساخرة:

  • تضخيم الوجوه والابتسامات، وبعض المواقف المضحكة كالعازف المنفعل أو الحمار المندهش، يعكس روح الكاريكاتير التي تسخر برفق من الواقع دون أن تُهينه.
  • نلاحظ أيضًا تصوير بعض النساء من الشباك بفرحة كبيرة، ما يعكس الفضول المجتمعي والمشاركة الوجدانية.

4. الرسالة الفنية:

اللوحة تسجل لحظة تراثية بطريقة ساخرة ومحببة، وتحفظ هذا التقليد الذي بدأ يندثر مع دخول وسائل النقل الحديثة وزيادة الخصوصية.

الخلاصة ..مشهد نقل عفش العروسة ليس مجرد انتقال للأثاث، بل هو لوحة اجتماعية ثقافية متكاملة تجسّد العلاقات الإنسانية، وروح البهجة، والروابط المجتمعية، ومفاهيم الكرم والاحتفال في الثقافة المصرية. ومن خلال الفن الكاريكاتيري، يتم توثيق هذه اللحظات بطرافة ودفء وحنين للماضي الجميل.


تعليقات