تقرير.. سها البغدادي
لم يكن الإسلام يومًا دين تهور أو اندفاع أعمى نحو المعارك، بل وضع قواعد صارمة توازن بين الاستعداد والقدرة من جهة، والحكمة والتخطيط من جهة أخرى. فقد حذّر القرآن الكريم من إلقاء النفس إلى التهلكة، وأمر المسلمين بالإعداد الشامل قبل مواجهة العدو، ونهى عن الدخول في حرب غير محسوبة العواقب. كما جاءت السنة النبوية لتؤكد أن الحرب تحتاج إلى دهاء وحكمة، لا مجرد حماسة شعاراتية. هذه التوجيهات تكشف بوضوح أن أي جماعة أو ميليشيا تُقحم شعبها في حرب دون استعداد كافٍ إنما تمارس عبثًا سياسيًا وعسكريًا، يضر بالمسلمين أكثر مما ينفعهم، ويخدم العدو دون أن يحقق أي مكاسب حقيقية.
آيات قرآنية
1. التحذير من التهلكة:
﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾
[البقرة: 195]
👉 أي لا يخرج المسلمون للقتال بغير عدة ولا استعداد فيُعرّضوا أنفسهم للهلاك.
2. الأمر بإعداد القوة قبل القتال:
> ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
[الأنفال: 60]
👉 الله يأمر بالإعداد المادي والمعنوي قبل مواجهة العدو.
3. النهي عن الفرار بلا مبرر:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ﴾
[الأنفال: 15-16]
👉 أي ما ينفعش يدخل المسلم حرب ثم ينسحب بلا خطة أو استعداد.
4. التدرج في التكليف حسب القدرة:
﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾
[الأنفال: 66]
👉 دليل إن مواجهة العدو مرتبطة بالقدرة الواقعية، مش التهور.
🕌 أحاديث نبوية
1. النهي عن تمني لقاء العدو بلا استعداد:
قال ﷺ: «لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا»
[صحيح البخاري ومسلم]
👉 أي المسلم لا يسعى للمعركة قبل أوانها، بل يطلب النصر والسلامة.
2. الحكمة في القتال:
قال ﷺ: «الحرب خُدعة»
[البخاري ومسلم]
👉 دليل على أن الحرب تحتاج إلى تخطيط ودهاء، لا مواجهة عشوائية.
3. الاستعداد قبل الخروج:
عن النبي ﷺ أنه كان إذا بعث جيشًا أو سرية قال: «اغزوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليدًا»
[رواه مسلم]
👉 فيه تنظيم للقتال وأمر بالاستعداد وضبط السلوك، لا تهور.
📌 الخلاصة:
الإسلام نهى عن:
الدخول في حرب بدون إعداد.
مواجهة العدو بتهور يؤدي إلى الهلاك.
تمني القتال قبل وقته.
وأمر بـ:
الإعداد بكل قوة ممكنة.
الصبر والثبات عند اللقاء.
استخدام الذكاء والخطة بدل المواجهة المباشرة غير المدروسة.
تعليقات
إرسال تعليق