حصاد 2025: واشنطن على حافة الانقسام في عام ترامب الثاني

 


كتبت .. سها البغدادي 

لم يكن عام 2025 عامًا سياسيًا عاديًا في الولايات المتحدة، بل شكّل منعطفًا حادًا في تاريخها الحديث، مع عودة الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض لولاية ثانية اتسمت بقرارات صادمة، واستقطاب غير مسبوق، وصدام مباشر مع مؤسسات الدولة العميقة، ما جعل واشنطن تعيش واحدة من أكثر فتراتها اضطرابًا منذ عقود.

حكومة الولاء وإعادة هندسة الدولة

منذ الأيام الأولى، أعاد ترامب رسم خريطة السلطة داخل الإدارة، معتمدًا الولاء السياسي معيارًا أساسيًا لشغل المناصب العليا. واستبدل ما وصفه بـ«حكم الجنرالات» بفريق مثير للجدل، ضم رجال أعمال وسياسيين ذوي توجهات صدامية، في إطار مشروع أطلق عليه أنصاره «الهدم وإعادة البناء»، بينما رآه منتقدوه تفكيكًا ممنهجًا للمؤسسات الفيدرالية.

سلسلة أوامر تنفيذية تهز الداخل الأمريكي

شهدت الأسابيع الأولى من العام توقيع حزمة غير مسبوقة من الأوامر التنفيذية، شملت تشديد سياسات الهجرة، والانسحاب من التزامات مناخية دولية، وتقليص دور الحكومة الفيدرالية في التعليم، إلى جانب قرارات أثارت جدلًا واسعًا، مثل العفو عن مدانين في أحداث اقتحام الكونجرس، وإلغاء آلاف الوظائف الحكومية ضمن خطة لخفض الإنفاق.

اقتصاد تحت الضغط وتجارب غير تقليدية

اقتصاديًا، واجهت البلاد ارتباكًا ملحوظًا، مع فرض رسوم جمركية جديدة أدت إلى ضغوط تضخمية وتعطل سلاسل الإمداد، بالتوازي مع نقص العمالة نتيجة القيود الصارمة على الهجرة. وفي المقابل، دفع ترامب بأفكار غير تقليدية، أبرزها دعم العملات المشفرة، والترويج لمشروعات مالية رقمية، في محاولة لإعادة تعريف دور الدولار والاقتصاد الأمريكي عالميًا.

مواجهة مفتوحة مع الجيش والمؤسسات

لم يتردد ترامب في الدخول في صدام مباشر مع المؤسسة العسكرية، عبر إقالات واسعة في صفوف القيادات العليا، واستخدام الجيش والحرس الوطني في الداخل تحت ذرائع أمنية، ما أثار مخاوف واسعة من تسييس القوات المسلحة. كما شنّت الإدارة ما وُصف بـ«حرب ثقافية»، عبر إلغاء برامج التنوع والشمول وتشديد الرقابة على الخطاب داخل المؤسسات الحكومية.

الهجرة والإغلاق… عام القرارات القصوى

كان ملف الهجرة العنوان الأبرز، مع إطلاق أكبر حملة ترحيل في التاريخ الحديث، ما فجّر صدامًا مع ولايات كبرى. وتزامن ذلك مع أطول إغلاق حكومي تشهده الولايات المتحدة، استمر أكثر من شهر، وشلّ عمل مؤسسات الدولة، في ظل خلافات حادة مع الكونجرس حول الإنفاق والرعاية الصحية.

رد الشارع وصندوق الانتخابات

سياسيًا، حملت انتخابات أواخر 2025 رسالة واضحة من الشارع الأمريكي، مع تقدم لافت للديمقراطيين في ولايات ومدن محورية، اعتبره مراقبون تصويتًا عقابيًا ضد سياسات البيت الأبيض، ومؤشرًا على عمق الانقسام داخل المجتمع الأمريكي.

محصلة عام 2025

في المحصلة، بدا عام 2025 كعام إعادة تعريف قسري للسياسة الأمريكية، حيث وضعت قرارات ترامب البلاد بين مطرقة التغيير الجذري وسندان الانقسام التاريخي. وبينما يرى أنصاره أنه يقود «ثورة تصحيح»، يحذر خصومه من أن ما جرى قد يترك جروحًا عميقة في جسد الديمقراطية الأمريكية لسنوات قادمة.

تعليقات