كتبت سها البغدادي
شهدت السواحل الفنزويلية خلال الأسابيع الأخيرة نشاطاً جوياً مكثفاً للقوات الجوية الأميركية، عقب تنفيذ طلعات جوية بمقاتلات وقاذفات وطائرات مسيرة فوق الخليج والفجوات البحرية قرب فنزويلا، وهو ما أثار قلقاً متصاعداً في العاصمة كاراكاس ومنطقة الكاريبي بشأن تداعيات هذا التواجد العسكري في المنطقة.
وأفادت تقارير ومتابعات لوكالات عالمية أن الجيش الأميركي نفّذ طلعات جوية بمقاتلات من طراز “إف/إيه-18” وقاذفات استراتيجية ومسيرات استطلاع فوق مياه ساحل فنزويلا في البحر الكاريبي، واقتربت بعض هذه الطائرات لمسافة لا تتجاوز نحو 35 كيلومتراً من الشاطئ، في تحليق امتد لأكثر من 40 دقيقة، وفق بيانات مواقع تتبع حركة الطيران.
وأوضحت الوكالة الفرنسية أن هذه التحركات الجوية تأتي وسط حشد عسكري أميركي كبير في منطقة الكاريبي، ضمن ما تصفه واشنطن جهوداً لمكافحة تهريب المخدرات وتهديدات إجرامية عبر البحر، لكن مسؤولي كراكاس يرون في هذا النشاط العسكري استفزازاً وتهديداً مباشراً للأمن القومي الفنزويلي.
تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس
وتأتي طلعات الطيران الأميركية في سياق تصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا خلال الأشهر الأخيرة، وسط سلسلة من الإجراءات والاحتكاكات الدبلوماسية والعسكرية. ففي حين تقول واشنطن إن هذه العمليات تهدف إلى ضبط تهريب المخدرات الذي يُؤثر على الداخل الأميركي، تصف حكومة الرئيس نيكولاس مادورو تلك التحركات بأنها خرق لسيادة المجال الجوي الفنزويلي ومحاولة لابتزاز سياسي.
كما تتزامن هذه التحليقات مع وجود لمجموعة ضخمة من السفن الحربية الأميركية في الكاريبي، في محاولة لتعزيز السيطرة البحرية في المنطقة، ما جعل التوترات تتصاعد بين البلدين بشكل غير مسبوق منذ سنوات.
مخاوف من مواجهة غير مقصودة
ويرى مراقبون أن مناورات الطيران الأميركية القريبة من المياه الفنزويلية تحمل مخاطر تصعيد غير مقصود، خاصة إذا ما اعتبرتها كاراكاس استفزازاً عسكرياً. فمن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في هذا النهج أو ستعيد التقييم بناءً على التطورات السياسية والدبلوماسية.
على الجانب الآخر، تُظهر مواقع تتبع الطيران والأقمار الصناعية أن مثل هذه العمليات الجوية ليست المرة الأولى؛ فقد سبق وأن ظهرت طلعات لطائرات استطلاع مسيّرة منذ فترة تمتد لأيام حول الساحل نفسه، ما يؤشر إلى استمرار التركيز الأميركي على منطقة تعتبرها واشنطن مهمة لاستراتيجياتها الأمنية في نصف الكرة الغربي.
ضغوط دولية ودبلوماسية
وتواجه الإدارة الأميركية ضغوطاً داخلية وخارجية للشرح الدقيق لأهداف هذه العمليات، بينما تطالب فنزويلا بمجالس دولية للرد على ما تصفه بـ«التحركات الاستفزازية» التي تمس سيادتها، وهو ما قد يفتح بابًا لحوار دبلوماسي أو تصعيد جديد إذا لم يتم احتواؤه بسرعة.
في ظل هذه الأجواء المتوترة، يبقى السؤال حول الخطوة القادمة في العلاقات الأميركية-الفنزويلية، وهل سيؤدي التصعيد العسكري إلى نتائج دبلوماسية أو إلى مزيد من التوتر في المنطقة الكاريبية الممتدة بين الشمال والجنوب.

تعليقات
إرسال تعليق